يقول الله تعالى في كتابه الكريم : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي).

نعى الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك النائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس وزير الأوقاف والشئون الدينية السابق إلى شعبنا الفلسطيني المرابط ، وإلى الأمتين العربية والإسلامية العالم الجليل ، والفقيه الكبير ، والقاضي القدير، المغفور له بإذن الله فضيلة الأستاذ الشيخ/ محمد حسين أبو سردانه -رحمه الله – قاضي قضاة فلسطين الأسبق، والذي انتقل إلى رحمته تعالى مساء اليوم السبت 25/شوال/ 1440هـ وفق 29/6/2019م في عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية عن عمر يناهز خمسة وتسعين عاماً .
وإننا إذ نتقدم من أسرته الكريمة وأبنائه الكرام وذويه الأعزاء ، وزملائه الأجلاء ، وطلابه الأوفياء ، بأحر التعازي وأصدق آيات المواساة ، لَنتضرَّع إلى الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم الجميع الصبر والسلوان على هذا المصاب الجلل .
لقد ولد فضيلته في بلدة الفالوجا عام 1924م ، ودرس في مدارسها والتحق في كلية الشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف بمصر ، وحصل على الشهادة العالية في الشريعة عام 1945م، كما حصل على شهادة العالمية مع الإجازة في القضاء الشرعي عام 1947م وهي أعلى شهادة في ذلك الوقت.
عمل – رحمه الله – مدرساً في جميع المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية ، كما عمل أستاذاً في كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وعمل قاضياً شرعياً بالمملكة الأردنية الهاشمية، ثم أصبح عضواً في محكمة الاستئناف الشرعية بعمان.

ومع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أرض الوطن سنة 1994م عُيِّن وكيلاً لوزارة العدل للشؤون الدينية، ثم تولَّى منصب قاضي قضاة فلسطين، حيث عمل – رحمه الله- على تطوير جهاز القضاء الشرعي وتوحيده في المحافظات الشمالية والجنوبية ورفع مستواه، كما كان عضواً في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ، وكان نموذجاً طيباً للعالم العامل الذي يحمل هموم شعبه وقضيته وأمته ، وله – رحمه الله – العديد من المؤلفات.
وقد كرمه الرئيس / أبو عمار -رحمه الله- في الاحتفال السنوي الأول لتكريم العلماء عام 1995م الذي أقامته وزارة الأوقاف والشئون الدينية في مقر الرئاسة بمدينة غزة خلال شهر رمضان المبارك.
لقد كان – رحمه الله – قامة دينية ووطنية كبيرة، حيث كان من مؤسسي الثورة الفلسطينية والمقربين من رفيق دربه الرئيس/ ياسر عرفات – رحمه الله -، كما كان مرجعاً ومؤرخاً للتاريخ الفلسطيني ، حيث إنه عايشه وشهد أحداثه.

هذه بعض النقاط التي وفقني الله لذكرها من مناقب فقيدنا الكبير الغالي – رحمه الله –، اعترافاً منا بعلمه وعمله وفضله ، وعملاً بالحديث: (اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ).
إن عقيدة الإسلام علمتنا أن الخلود لله عز وجل، وأن كلَّ من عليها فان، وأن كتاب الله لَيَعِدُ بِحُسْنِ الصبر عَمَّن نفقد حُسْنَ العوض منه، وإنا لنستنجزُ الله وعده أن يهبنا- ونحن الضعفاء- قوة من عنده ورحمة من لدنه.
نسأل الله العلي القدير أن يُكرم نُزُلَه، وأن يعوضنا عنه وعن أمثاله من العلماء العاملين خير العوض.
اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم يا رب العالمين
وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
|