خطيب المسجد الأقصى : المرأة الفلسطينية غيرت مجرى التاريخ
حوار: مي محمود 17-1-2012م
أكد الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى والنائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس ووزير الأوقاف الأسبق أن المرأة الفلسطينية ضربت أروع الأمثال في الصبر والتحمل والجهاد، مشيرا إلى أنها عُذبت واعتقلت وأسرت وأبعدت واستشهدت حيث قدمت نفسها وأولادها في سبيل الدفاع عن وطنها وتحرير أراضيه، بالإضافة إلى أنها شريكة الرجل في كافة الأمور، موضحا أن المرأة المسلمة لعبت الكثير من الأدوار واستأثرت بثلاث خصال لم يحظ بها الكثير من الرجال عبر التاريخ .
وأشاد الشيخ يوسف بدور المرأة المقدسية ( أم كامل الكرد) التي صمدت أمام اليهود ورفضت التنازل عن شبر من بيتها وتحملت التعذيب وصبرت على استشهاد زوجها أمامها حيث أظهرت للعالم أن التنازل عن الأرض تنازل عن الدين .
وحول وضع المرأة الفلسطينية في المرحلة الحالية والمعوقات التي تواجهها كان لموقع رسالة المرأة هذا الحوار مع الشيخ يوسف سلامة جمعة وذلك خلال زيارته لمكتب "رسالة الإسلام" بالقاهرة .
نص الحوار
ـ كيف تواجه المرأة الفلسطينية الاعتداءات الصهيونية المتواصلة؟
المرأة كالرجل من حيث المعاناة لأن اليهود لا يفرقون بين رجل وامرأة وعجوز وطفل، فالمرأة الفلسطينية قاست كثيرا وما تزال فقد عانت الكثير وعذبت وطردت وكانت تجبر على ولادة أبنائها على الحواجز وشردت وخرجت من بيتها بعد هدمه واستشهد ابنها فهي أم وشقيقة وزوجة الشهيد ، فضربت أروع الأمثال عبر التاريخ من خلال صبرها وتحملها الأسر والإبعاد وتقديم نفسها في سبيل دينها وتحرير أرضها من أيدى الصهاينة المجرمين مشيرا إلى أن الصفقة الأخيرة لتبادل الأسرى كان فيها نساء من عرب 48 ومن القدس والضفة الغربية وغزة ، فهذا يدل على مشاركة المرأة للرجل في كافة الأمور.
ـ ما دور المرأة الفلسطينية في المرحلة الحالية؟ وهل لها دور في المصالحة ؟
لاشك أن للمرأة المسلمة دورها على مر التاريخ حيث استأثرت بثلاث صفات حيث كانت المرأة ممثلة في خديجة رضي الله عنها أول من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم وأول شهيدة كانت السيدة سمية، وأيضا لم يصلنا النسب الشريف للرسول الكريم إلا من خلال بناته رضوان الله عليهن .
كذلك فقد سمع الله تبارك وتعالى من فوق سبع سماوات قول السيدة خولة كما في صدر سورة المجادلة، وهناك أم سلمة التي أشارت على النبي يوم الحديبية، وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام لما صالح أهل مكة وكتب كتاب الصلح بينه وبينهم وفرغ من قضية الكتاب قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا . فلم يقم منهم رجل بعد أن قال ذلك ثلاث مرات . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم- فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت له أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر هديك وتدعو حالقك فيحلق رأسك، فقام عليه الصلاة والسلام، فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة فنحر هديه ودعا حالقه فحلق رأسه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق للبعض الآخر.
والمرأة الفلسطينية نصف المجتمع فهي عضو في المجلس التشريعي ووزيرة وتقود المظاهرات وتقوم بالفعاليات الوطنية والدينية، كما أنها تساعد أسر الشهداء وتقوم بحراسة المسجد الأقصى حتى لا يخلو من محبيه في الوقت الذي يسعى اليهود إلى هدمه، كما أنها تقاوم الفقر والظلم وتعضد زوجها وتشد من أزره في تحمل الأذى والعدوان، وعلى سبيل المثال، المرأة المقدسية أم كامل التي صمدت أمام اليهود ورفضت بيع بيتها بخمسة عشر مليون دولار فطردها اليهود من بيتها وتحملت التعذيب واستشهاد زوجها أمامها بعد تعذيبه وضربه من قبل الاحتلال، فأقامت خيمة بسيطة اعتصمت فيها لتعلن أنها صاحبة حق ولن تتخلى عنه، وأظهرت للعالم أن التنازل عن الأرض تنازل عن الدين وكذلك أمينة الخالدى التي أوقفت الأراضي لبناء مستشفيات خيرية في مدينة القدس ، كما تقوم النساء المقدسيات بتقديم الطعام والشراب للمرضى المقيمين في المستشفيات المقدسية وهم من خارج مدينة القدس .
ـ ما أهم التحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية ؟
الفقر نتيجة ضعف الحالة الاقتصادية بسبب الاحتلال وعدم توفير الاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب، وكذلك غياب الأزواج والأبناء بسبب الاعتقال أو النفي ، وكذلك تعرض الكثير من النساء للسجن من قبل الاحتلال، إضافة إلى فرض الضرائب العالية على أصحاب المحلات والتي يصعب على الرجل دفعها مما يثقل كاهل المرأة جراء مشاركتها معاناة زوجها ، فالاحتلال هو التحدي الأكبر للمرأة الفلسطينية .
ـ في ظل الظروف الراهنة كيف تربى المرأة الفلسطينية أولادها ؟
المرأة الفلسطينية تربى أبناءها على طاعة الله سبحانه وتعالى لأن الإنسان المسلم عليه أن يحمد الله دائما في السراء والضراء رغم قسوة الظروف، والفلسطينيون يعملون على تجاوز العقبات، فتعلمهم الصبر أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي تعرض للمؤامرات والتحديات وقاطعوه وحاصروه في شعب أبى طالب لمدة ثلاث سنوات، كما تعلمهم حب الأوطان والتضحية والدفاع عنه لأن الطفل الفلسطيني جزء من المنظومة العربية الإسلامية التي نفتخر بالانتماء إليها وذلك لقوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت
للناس) (آل عمران: 110) .
ـ هل هناك دور للمنظمات الإغاثية والدولية لدعم المرأة ؟
الجهات العربية والإسلامية والقوافل تقدم بعض المساعدات للشعب الفلسطيني سواء أغذية أو أدوية وغيرها، ولكن ليس بشكل منتظم، لذلك تقوم المرأة الفلسطينية من خلال تعليمها الحياكة والتطريز وصناعة الزهور في توفير لقمة العيش لأبنائها، كما علمها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله يحب العبد المؤمن المحترف ) أي الذي له حرفة .
ـ وماذا عن الزواج في فلسطين وهل هناك معوقات مادية ؟
الزواج في فلسطين ميسر وذلك بفضل الله ثم بفضل قيام بعض المؤسسات الخيرية والدينية بإقامة عرس جماعي في بعض المناطق كنابلس وجنين وغزة تيسيرا على الشباب، كما تقوم هذه المؤسسات بتوفير بعض المستلزمات الخاصة بالعروسين والتي تعجز بعض الأسر عن توفيرها في ظل هذه الظروف الصعبة .
رسالة أخيرة توجهها للمنظمات النسائية ؟
أناشد المنظمات والاتحادات النسائية بالعمل على دعم المرأة الفلسطينية ماديا ومعنويا وتقديم المساعدات للجمعيات الخيرية باستمرار كي ترسم البسمة على الشفاه المحرومة من الأيتام والفقراء والثكالى، وخاصة في ظل وجود الاحتلال وممارساته والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة.
رابط الحوار/
http://woman.islammessage.com/article.aspx?id=5249