الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ...
تشهد بلادنا المباركة فلسطين في كل من رام الله والبيرة ، وغزة جلسات للحوار الفلسطيني الفلسطيني لمدة يومين حيث يشارك في هذه الجلسات جميع ألوان الطيف السياسي الفلسطيني من فصائل وشخصيات اعتبارية، والشعب الفلسطيني ينتظر ما ستحققه جلسات الحوار خصوصا في هذه الظروف الصعبة من تاريخ شعبنا فهناك حصار خارجي ، وصراع داخلي ، ويسقط القتلى والجرحى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
إن الشعب الفلسطيني المرابط يدعم هذا الحوار و يتمنى له النجاح والتوفيق لأننا في أمس الحاجة للوحدة فقوتنا في وحدتنا ، وإن ضعفنا في فرقتنا وتخاذلنا .
إن الرسول عليه السلام يدعونا إلى رص الصفوف ، وجمع الشمل ، وتوحيد الكلمة لأن هذه الصفات هي صفات المجتمع الإيماني ، ( المؤمنون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم ) ( 1 ).
ودعنا أخي القارئ نتساءل بصراحة وصدق انطلاقاً من حبنا لديننا ، ولهذا الوطن الذي ولدنا على أرضه ، ولهذا الشعب الكريم الذي نفخر ونعتز بأننا جزء منه .
أين الصف المرصوص ؟ ! أين قلب الرجل الواحد ؟! وتداعي الجسد الواحد ، و خفض الجناح ولين الجانب ، والتآخي والتصافي والتراحم والتواد ... ؟! حقاً لقد صنع الشقاق والجفاء منا غثاء ، فلننظر ما يحدث لشعبنا من مداهمات للمدن والقرى والمخيمات ، ومن سقوط للشهداء ، ومن اعتقالات هنا وهناك ، وتدمير للبيوت ، والمصانع ، وتجريف للمزارع ، ألا يدعونا ذلك إلى التفكير فيما نحن فيه ، وفيما وصلنا إليه ؟!
واسمح لي أخي القارئ الكريم أن نتعاتب معاً معاتبة الأخ لأخيه ..
* ( المسلم أخو المسلم ) (2) هذا حديث نبوي ، ليس من مسائل الخلاف ، ولكن تعالو ا ننظر في واقعنا، هل ينظر كل منا إلى الآخر هذه النظرة ، وهل نطبق هذا الحديث ( لا يظلمه ولا يسلمه
ولا يحقره ) ؟!
* (ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى ) (3 ) ، كلمات مضيئة من مشكاة النور النبوي ؛ فهل تربت الأجيال في الفصائل والأحزاب والجماعات ، على ذلك الخُلق السامي ، ولو كانوا مخالفين في " الانتماء " ، أو مغايرين في " الفكر " ؟! .
* ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضُه بعضَه ، وشبك بين أصابعه ) (4) ، هل أقمنا البنيان على مبدأ الأخوة والمحبة في الله ، حتى يشد بعضه بعضاً ، أم أقيم ذلك البنيان على أسس أخرى حتى أصبحت مبانينا يهد بعضها بعضاً ، بدلاً من أن يشد بعضها بعضاً ؟ !
* أمر الله الأمة الإسلامية بالاعتصام المتين وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (5 ) ، فكيف ننادي نحن أبناء الشعب الفلسطيني أشقاءنا من العرب والمسلمين على ضرورة الوحدة تحت راية الإسلام ، ونحن غارقون في الفرقة ، والناس يروننا – ونحن أهل الرباط – أوْلى الأمة بذلك الاجتماع ؟
إن الوحدة بين المسلمين فريضة توصل إليها فرائض ، فالأمر بالأخوة الإيمانية هو أمر بالعديد من شعب الإيمان الموصلة لها ، هو أمر بخفض الجناح ، وحسن الظن ، والعفو والصفح ، وصنائع المعروف ، وإبداء النصيحة ، وقبول النصيحة ، والرفق في النصيحة ، والإخلاص في النصيحة ، والستر على العيوب ، والرفق في الأفعال، واللين في الأقوال ، والدفع بالتي هي أحسن، إلى غير ذلك من العديد والعديد من شعب الإيمان .
إن شعبنا الفلسطيني يشعر بالغبطة والسرور عندما يرى إخوانه وأبناءه في الفصائل يخرجون إلى وسائل الإعلام وهم يعلنون عن التوصل إلى اتفاق ، والترفع على الجراح ، ويدعون الله أن يحمي شعبنا من كل سوء .
إن شعبنا الفلسطيني أحوج ما يكون إلى الوحدة والمحبة ، والتكاتف والتعاضد، ورص الصفوف، وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة خصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني
فالواجب علينا أن نكون إخوة متحابين، وأن نتعاون على البر والتقوى، كما قال العلماء : (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه) .
اللهم اجمع شملنا ،ووحد كلمتنا ، وألف بين قلوبنا يا رب العالمين