2023-09-22

وقفات مع امتحانات الثانوية العامة


2023-06-02

الحمد لله ربّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على رسوله الأمين محمد – صلّى الله عليه وسلّم -، وعلى آله وأصحابه الطَّيبين الطَّاهرين، ومن اقتفى أثرهم وسارَ على دربهم إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

يتوجّه عشرات الآلاف من أبنائنا طلاب الثانوية العامة وطالباتها بعد عِدَّة أيام  إِنْ شاء الله تعالى إلى قاعات الامتحانات المُنتشرة في ربوع الوطن؛ لتقديم امتحان الثانوية العامة في مُختلف الفروع.

وبهذه المناسبة فإنَّنا نرجو أَنْ يكون النّجاح والتوفيق حليف أبنائنا الطلاب والطالبات ، لِيُكْملوا مسيرتهم العلمية، ثم يُؤَدّوا دورهم الرّيادي في خدمة دينهم ووطنهم وأمّتهم، فهم عِمَاد حاضرها، وأملُ مُسْتقبلها، ودمها المُتَدَفِّق، وبحرُ علمها الفيّاض، وعلى عاتقهم يقع البناء لِمُستقبل واعدٍ مليء بالتقدّم والازدهار إِنْ شاء الله تعالى.

فضـل العلم والعلمــاء

من المعلوم أنّ للعلم والتعليم مكانة عظيمة في ديننا الإسلامي الحنيف؛ لذلك فإنّنا نجد أنّ النصوص الشرعية في الكتاب والسُّنّة تدعو الأُمّة إلى طلب العلم وتحصيله والاستزادة منه، فقد ذكر القرآن الكريم فضل العلم  في عدد من الآيات القرآنية، منها :  قوله سبحانه وتعالى : {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ  * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بالْقَلَمِ*  عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}(1) ،  وقوله سبحانه وتعالى أيضاً: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (2).

كما ذكرت السُّنّة النّبوية الشّريفة فضل العلم في عدد من الأحاديث النّبوية، منها: قوله – صلّى الله عليه وسلّم- : (مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ)(3)،  وقوله – صلّى الله عليه وسلّم - أيضاً : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِى جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ)(4).

وبيَّن الإسلام مكانة العلماء وفضلهم، فوجودهم في الأُمّة حِفْظٌ لدينها وَصَوْنٌ لِعزّتها وكرامتها، فهم ورثة الأنبياء في أُمَمهم، وأُمناؤهم على دينهم، كما جاء في الحديث الشريف: (...إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)(5).

 إرشادات لأبنائنـــا الطـــلاب

إِنّنا في هذه الأيام نتوجّه إلى أبنائنا الطلاب والطالبات ببعض الإرشادات التي ينبغي عليهم أَنْ يأخذوا بها؛ حتى يُحَقّقوا النّجاح والتّميّز في امتحاناتهم المُقبلة إن شاء الله تعالى، ومنها:

* مراجعة الدروس بعناية وتركيز، واغتنام الوقت، كما أنّه من الواجب  عليهم- أيضاً-  قبل التّوجّه إلى قاعات الامتحانات أَنْ يتوكّلوا على الله سبحانه وتعالى، طالبين منه العون والتّوفيق.

* الحرص على الذهاب مُبَكِّراً إلى قاعات الامتحانات، أي قبل بدء الامتحانات بنصف ساعة؛ تجنّباً للشّعور بالتّوتّر، وقراءة أسئلة ورقة الامتحان بشكل كامل.

* احترام المُراقبين واستماع توجيهاتهم ونصائحهم؛ لأنهم جاءوا لخدمتهم وتوفير المناخ الهادئ لهم.

* كما أنّنا ندعو الأسرة إلى القيام بدورها في توفير الجوّ المناسب من الهدوء لأبنائها، ورفع روحهم المعنوية أثناء الامتحانات.

أمتنـا بيــن الأمس واليـــوم

من المعلوم أَنَّ ديننا الإسلامي الحنيف  قد حَضَّ على التَّزود الدّائم من جميع العلوم والمعارف الدّينية والدّنيوية، فقد خلَّف العلماء المسلمون للبشرية تُراثاً  علميًّا غزيراً في جميع المجالات ما زالت الأُمم تغترف منه وتقتبس، حيث أدرك المسلمون أهميّة العلم وشرفه وغايته، فتنافسوا في طلبه، وَتَغَرَّبُوا عن ديارهم وأوطانهم من أجلِ تحصيله، ونشروه تقرُّباً إلى الله سبحانه وتعالى، فالإقبال على هذه العلوم وتعلُّمها وإتقانها والاستفادة منها في عمارة الأرض هو فرض كفاية على الأُمّة الإسلامية، ومع ذلك فإنّنا نجدُ وللأسف أَنّ الكثير من أبناء الأُمتّين العربية والإسلامية قد تجاهلوها وقَصَّروا في طلبها وتحصيلها في هذه الأيام، وكان ذلك سبباً رئيساً من أسباب تأخّرنا عن مكان الرّيادة والصّدارة الذي كانت عليه أُمّتنا وكان عليه أسلافنا من العلماء المسلمين.

ومع ذلك فكلنا ثقة وأمل بأبناء شعبنا وأُمّتنا من علماء ومُفكرين وباحثين أَنْ يُشمّروا عن سواعد الجدّ والاجتهاد؛ حتى يكون لهم دورٌ بارزٌ في الابتكارات والاختراعات العلمية في شَتَّى المجالات؛ انطلاقاً من قوله سبحانه وتعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}(6).

لذلك فمن أولى أولويات الدّول النّاجحة الاهتمام بالتّربية والتّعليم؛ لأنّهما حجر الزّاوية لتحقيق طُموح الدّول الرّاغبة في التّقدّم والاستقرار والسّعادة والمكانة الرّائدة بين الدّول، فبالعلم تُبْنى الحضارات، وتتقدّم الأمم، وترقى المجتمعات، وينتصر الحقّ على الباطل، وينتصر المظلوم على الظالم، لأنّ العلم نور، والله نور السماوات والأرض.

وفي الختام: فإِنَّنا في هذه المناسبة نقدّم التّحيّة لأبنائنا طلاب الثانوية العامة وطالباتها، داعين الله عزَّ وجلَّ أَنْ يشرح صدورهم ويُيَسّر أمورهم ، وأنْ يُفهّمهم ما يقرؤون، راجين الله سبحانه وتعالى لهم النجاح والتوفيق وأَنْ يُحَقّقوا ما يصبون إليه من تقدّم وتفوّق.

اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا، وزدنا علماً يا ربَّ العالمين

وصلَّى الله على سيِّدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

الهوامش :

  1. سورة العلق الآيات (1-5)        
  2. سورة الزمر الآية (9)
  3. أخرجه الترمذي
  4. أخرجه الترمذي
  5. أخرجه الترمذي         
  6. سورة الحديد، الآية (25)