2023-09-22

كلنـــــا فــــداك يا رســـول اللــه
2008-02-22

 الحمد  لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان والصلاة والسلام على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد  

تناقلت وسائل الإعلام قبل أيام ما قامت به سبع عشرة صحيفة دنماركية من إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول – صلى الله عليه وسلم – والتي سبق أن نشرتها إحدى الصحف  في الدنمارك قبل شهور، حيث عبرت الأمة وقتئذ عن مدى حبها للنبي – صلى الله عليه وسلم - فرأينا الشجب والاستنكار لذلك ، كما و رأينا المؤتمرات تعقد لنصرته عليه الصلاة والسلام ،  وها هي  الدنمارك  تعود مرة أخرى لهذا العمل الإجرامي ، من أجل الإساءة إلى أشرف البشر سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - ، وهم بهذا العمل الإجرامي قد جرحوا كرامة المليار ونصف المليار مسلم في شتى بقاع المعمورة ، لأن الإساءة إلى مقام خاتم الأنبياء والمرسلين هي إساءة لكل مسلم  ، فهذا العمل جريمة نكراء ترتكب ضد الإسلام ،  وضد الرسل أجمعين، كما أنها تثير الضغائن والفتن والكراهية بين الشعوب ،  فهذه الجريمة البشعة التي خططتها أقلام سيئة أساءت إلى صاحب اللواء المعقود والمقام المحمود والحوض المورود الذي بين الله سبحانه وتعالى مكانته للناس جميعاً فقال :   {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }  ( 1 ) .

ونحن أحباب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - نقول  لمن أساء لرسولنا- عليه الصلاة والسلام -  بالصور المسيئة :

يا مــــن أسأت برســم فــــي مُشَفعّّنـــــا    شُلَّتْ مدى الدهر والتاريخ كفّاك

كيف اجترأتَ على خير الورى سفها       قـــد بُؤت بالخـــزى ظلام وأفــــاك

إن الـــرسول لنـــور الكــــون أجمعـــه      ولكـــن تعـامت  عن الكون عيناك

إن هذا العمل الإجرامي يثير حالة من الغليان والغضب الشعبي والرسمي في الشارع الفلسطيني  والعربي والإسلامي ، نتيجة لهذا الفعل المسيء للإسلام والمسلمين .

سيد البشر

 

يقول الله تعالى : {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ  } (2)

فقد فضله الله سبحانه وتعالى على غيره من الأنبياء ، حيث ورد أنه – صلى الله عليه وسلم – قال : ( فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، وأرسلت إلي الخلق كافة ، وخُتم بي النبيون ) (3)، كما أشار النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى ذلك فقال   :  ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة،  و أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ومشفع   ) (3 )   

وقد اصطفى الله نبينا على  جميع الأنبياء والمرسلين  ، فجعله لهم خاتماًً وإماماً  حيث صلى بهم – صلى الله عليه وسلم –  إماماً في المسجد الأقصى المبارك  ليلة الإسراء والمعراج .

كما ثبت عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : ( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ) ( 4 ) .

أما عن أسمائه فيقول  - صلى الله عليه وسلم -  : ( لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو اللهُ بي الكفر ، وأنا الحاشرُ الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب : الذي ليس بعده نبي )  ( 6 ) .

رحمة للعالمين

 

* ومن الخصائص التي خص الله سبحانه وتعالى بها نبينا – صلى الله عليه وسلم -  أن جعل رسالته رحمة للعالمين كما في قوله  تعالى :   {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } ،فرسولنا صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة ،  قال تعالى: {  {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا }( 7) .

كما أنه – صلى الله عليه وسلم – خاتم النبيين ، يقول تعالى  : {  مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} ( 8 ) .

* وقد أعطاه الله تعالى سبعا من المثانى والقرآن العظيم قال تعالى :   {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}  ( 9 )  .

*كما وأعطاه سبحانه وتعالى  الكوثر ، قال تعالى :   {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (10)    .

* وأعطاه الله الشفاعة العظمى والمقام المحمود ، قال تعالى :  {  عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} (11) ،بل وأعطاه الله تعالى حتى يرضى ، قال الله تعالى :   {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} (12)    .

* وأقسم سبحانه وتعالى  بحياته – صلى الله عليه وسلم – ولم يقسم بأحد من البشر ، قال تعالى :   {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (13)  

* كما و جعل سبحانه وتعالى طاعته – صلى الله عليه وسلم – من طاعته  فقال : {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ  } (14).

* وقد نادى الله سبحانه وتعالى الأنبياء بأسمائهم كقوله تعالى :   {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ  } (15)  ، وقوله سبحانه :   {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا  } (16)  ، وهكذا مع كثير من الأنبياء،  ولكنه لم يوجه النداء لحبيبه – صلى الله عليه وسلم – باسمه مجردا بل ناداه بألقاب التكريم والتشريف والتعظيم ، قال تعالى :   {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } (17)  ، وقال أيضاً  :   {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (18)   .

* وشرح الله صدره – صلى الله عليه وسلم – ووضع وزره ، ورفع ذكره قال تعالى : {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ *   وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ*   وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (19 ) .

قال قتادة: "رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس هناك خطيب ولا متشهد  ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله"، وكما قال الشاعر :

وضم الإله اسم النبي إلى اسمه    إذ قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق لـــه مـــن اسمــه ليجلــــــه    فــــذو العرش محمود وهذا محمد

واجب الأمة نحو النبي الكريم

 

وانطلاقاَ من واجبنا فإننا نطالب الحكومة الدنماركية وغيرها من الدول بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة وقانونية، ومحاسبة من قاموا بهذا الفعل  الإجرامي الآثم ، وتقديم الاعتذار إلى المليار ونصف المليار مسلم في العالم ، وندعو المسلمين في كل مكان إلى مقاطعة البضائع والمنتوجات الدنماركية  ، وسحب السفراء ، لتكون الدنمارك عبرة لمن يعتبر ، ولمن يفكر في  الإساءة لنبينا – عليه الصلاة والسلام – وللإسلام والمسلمين .

 كما أننا ندعو أحرار العالم ، ورابطة العالم الإسلامي ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، وجامعة الدول العربية ، والمجتمع الدولي ، إلى الوقوف جنباً إلى جنب للتصدي لهذه الهجمة السافرة التي تمس عقيدة المليار ونصف المليار مسلم  في العالم ، وتهدف إلى بث الفتن والضغائن بين الشعوب، وكذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الشركات والدول التي تسيء للإسلام والمسلمين {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (20 ) .

ونحن نعتذر إليك سيدي يا رسول الله من هذا العمل الإجرامي ، ونعاهدك على الوقوف في وجه هذه الحملة الإجرامية لتشويه صورة الإسلام والمسلمين .

رسولَ الله ،رسولَ الله          لا يُرْضيك هذا الحالُ للعُرْبِ

ولا يُـرضيـــك ما يَبْـــــدو         مِـــــــنَ الإعـــــلامِ في الغــرب

ولكـــنْ حَسْبُنَــا يُرْضيـكَ         عـــــودَتُنـــــَا إلى الـــــــــــدَّرْبِ

بعـــــــودَتِنا إلى الإسـلامِ        تعلـــــــــــو رايُـــــــةُ الحُــــــــــبِّ

 

وصلى الله على سيدنا محمد  -صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وأصحابه أجمعين

 

الهوامش :

1-  سورة الأنبياء الآية (107)                                

2- سورة البقرة الآية (253)                    

3-     أخرجه مسلم

4- أخرجه مسلم                                                     

5- أخرجه مسلم                                     

6- متفق عليه

7- سورة سبأ الآية (28)                                          

8- سورة الأحزاب الآية (40)                 

9- سورة الحجر (87)

10- سورة الكوثر الآية (1)                                     

11- سورة الإسراء الآية (97)                 

12-  سورة الضحى الآية (5)

13- سورة الحجر الآية (72)                                   

14- سورة النساء الآية (80)                   

15 – سورة مريم الآية (12)

16- سورة هود الآية (48)                      

17- سورة المائدة الآية (67) 

18 – سورة الأحزاب الآية (45)

19 – سورة الشرح الآيات (1-4)            

20- سورة التوبة الآية (32)