2023-09-22

سامي الحاج ...واليوم العالمي لحرية الصحافة
2008-05-09

 الحمد  لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد  – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد  

وافق يوم السبت الماضي الثالث من شهر مايو ( أيار )  ذكرى اليوم العالمي  لحرية الصحافة والذي يوافق الثالث من شهر مايو ( أيار) من كل عام ، والصحافة لون من ألوان الإعلام ، حيث يوجد في العالم اليوم الإعلام المسموع والمقروء والمرئي ، والصحافة بكونها إحدى وسائل هذا الاتصال الجماهيري وبما ترعاه من مصالح المجتمع من واقع احتياجاته الإعلامية فإنها ترتكز على التحرير بالكلمة اعتماداً على العلم واستناداً للواقع الذي تعيشه الشعوب .

لقد شكلت السطوة المتزايدة لوسائل الإعلام – ولم تزل – سمة من سمات العصر الحديث حتى دخلت البشرية ما يطلقون عليه " عصر العولمة " ، وقد استغل الآخرون الإعلام المكوِّن للسلطة الرابعة بذكاء خارق ، مستغلين أرقى ما وصل إليه البحث العلمي مثل علم النفس ، ووسائل الإعلام المتطورة ، فاستطاعوا غرس أيديولوجيتهم وتوجيهاتهم في عقول الناس وقلوبهم ، إلى درجة أن الإعلام في الدول النامية استحوذت عليه أساليبهم في نقل الخبر وتحليله والتعليق عليه  .

والعالم المعاصر يعيش تحت مؤثرات إعلامية غير محدودة المجال ، والصحافة بشكل خاص مؤثر إعلامي خطير حيث تبرز فعاليتها داخل المجتمعات باختلاف نظمها وظروفها ، فهي إذن سلاح من أسلحة هذا العصر الذي أمكن تسميته بدون حرج ( عصر الإعلام ) حيث أخذت الضغوط الإعلامية مواقع الضغوط المادية التي كانت توجه سلوك الشعوب فيما مضى من فترات القهر المادي والاستعمار العسكري .

لهذا كان من الواجب على الأمتين العربية والإسلامية  أن يتجهوا إلى استخدام هذه السلاح العصري لخدمة دينهم وقضاياهم وأوطانهم بأسلوب مناسب .

تحية للصحفي الفلسطيني

ونحن في هذه المناسبة نحيي الصحفي الفلسطيني بشكل خاص ، هذا الجندي المجهول الذي يقدم حياته رخيصة في سبيل الله ، ومن أجل وطنه الغالي وقضيته العادلة .

لقد قدم الصحفيون الفلسطينيون كوكبة من خيرة الصحفيين شهداء في سبيل كشف الحقيقة ، وفضح الممارسات الإسرائيلية الإجرامية ، والدفاع عن أعدل قضية ( قضية فلسطين ) ، وكان آخر هؤلاء الصحفي فضل شناعة الذي سقط شهيداً جراء قذيفة من دبابة إسرائيلية قبل أيام .

كما قدم الصحفيون الفلسطينيون كوكبة أخرى من الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية فألف تحية لهؤلاء الصحفيين الأبطال الذين يدافعون عن الوطن من خلال القلم ، والصورة ، ونسأل الله أن يحميهم من كيد الكائدين إنه سميع قريب .

عميـد الصحافـة الفلسطينيـة

  لقد فقدت فلسطين عامة والقدس خاصة  فارساً من فرسانها، ورجل إعلام من الطراز الأول رفع اسم فلسطين والقدس والمقدسات في جميع المحافل المحلية والدولية إنه الأستاذ / محمود أبو الزلف عميد الصحافة الفلسطينية .

فالقدس التي تتعرض للتهويد والحصار ، والأقصى الذي يكيد له الحاقدون حيث يخططون لهدمه وإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم بدلاً منه – لا سمح الله – قد خسرت هذا الصحفي الذي دافع بقلمه وجهده عن القدس والمقدسات .

لقد استطاع الفقيد الكبير بأدبه ،  وصدقه وشجاعته ، وإصراره ، وحكمته أن يحقق لجريدة القدس الغراء الوجود الفعلي والواقعي ، وأن يجعل لهذه الجريدة ثقلها ومكانتها في المسرح السياسي الفلسطيني والعربي والدولي .

لقد عكست جريدة القدس آراء وأفكار الفقيد الكبير الذي دافع عن قضايا شعبه الذي يتعرض للقتل والتشريد ، كما دافع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية حيث كان ملتزماً بالخط الوطني ، الذي يتمنى أن يرى أمة واحدة مجتمعة في السراء والضراء .

لقد كان قوي العزيمة ، يجابه الصعاب ، ولا يأبه للشدائد ، كما كان دؤوباً على العمل  ، كان يتابع العمل في الجريدة بشكل مستمر، يعطي التوجيهات ، ويتابع أدق التفاصيل ، فالقدس مرآة مضيئة ، وجريدة لكل الفلسطينيين .

الصحفي/ سامي الحاج

لقد سعدنا بخروج الصحفي سامي الحاج من سجون الاحتلال الأمريكي بعد اعتقال لعدة سنوات وتذكرنا أحد عشر ألفا من الأسرى الفلسطينيين الأبطال الذين يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي وهذا دفعنا للأمل في فرج قريب لهم جميعاً إن شاء الله ، فالسجن ينتهي ، والسجان يزول ، والسجين سيخرج إلى أهله ووطنه لا محالة إن شاء الله تعالى ولو بعد حين .

واستمعت إلى الصحفي/ سامي الحاج  وهو يتحدث في مقابلة تلفزيونية عن السجون الأمريكية دولة الحضارة والتقدم كما يزعمون فقال إنهم : ( يمنعون الصلاة جماعة وتلاوة القرآن جهراً ،بل كانوا يركلون المصاحف بالأقدام بقصد الاستفزاز وإهانة القرآن ، وكانوا يضعون المصحف الشريف في أماكن الاستحمام ).

استمعت إلى أقوال الصحفي / سامي الحاج وعدت إلى تاريخنا المشرق لأبين كيف احترم الإسلام الآخرين ، وصان مقدساتهم .

فعندما نتصفح كتب التاريخ فإننا نجد صفحات مشرقة عن التسامح الإسلامي ، مع أهل الديانات الأخرى ، وعن الأسلوب الطيب في احترام الآخرين 0

إننا نجد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- يرفض أن يصلي في الكنيسة التي عرض عليه أسقف بيت المقدس أن يصلي فيها لماذا؟ حرصاً من عمر على بقاء الكنيسة لأصحابها ، فقد قال للأسقف: لو صليت هنا لوثب المسلمون على المكان وقالوا : هنا صلى عمر وجعلوه مسجداً !!

كما نلاحظ المعاملة الطيبة من المسلمين تجاه أهل الكتاب وهذا ما دفع الكثير من أهل الكتاب للدخول في هذا الدين الجديد لأنهم وجدوا فيه ضالتهم من السماحة واليسر والمحبة والأخوة .

فهذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وقد مرت عليه جنازة يهودي فقام النبي – صلى الله عليه وسلم-لها ، فقيل له : إنها جنازة يهودي فقال : "أليست نفساً" (1) .

وهذا أمير المؤمنين – عمر بن الخطاب – رضي الله عنه، يرى شيخاً متوكئاً على عصاه وهو يسأل الناس، فسأل عنه فقيل إنه كتابي، وفي رواية- نصراني-فقال : " خذوا هذا وضرباءه إلى بيت المال فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته وتركناه عند شيبه" (2) .

وروي أن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما- ذبحت في بيته شاه فقال: أهديتم لجارنا اليهودي منها، قالوا : لا ، قال أهدوا إليه، فاني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول : ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) (3) .

إن صيحة {  فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ  }  (4) 00 تظهر عظمة هذا الدين، تظهر مدى مخاطبته للعقول لتختار بين طريق الإيمان وطريق الكفر، طريق الخير وطريق الشر، طريق الحق وطريق الباطل .

فالإسلام لم يفرض على النصراني أن يترك نصرانيته، أو على اليهودي أن يترك يهوديته، بل طالب كليهما – ما دام يؤثر دينه القديم- أن يدع الإسلام وشأنه ، يعتنقه من يعتنقه، دون تهجم مر، أو جدل سيء .

إن التسامح الذي عامل به الإسلام غيره، لم يعرف له نظير في القارات الخمس ، فهل تنبه الآخرون لذلك، ورحم الله القائل :

ملكنا فكان العفو منا سجية      *          فلما ملكتم سال بالدم أبطح

فحسبكم هذا التفرق بيننـا         *          وكل إناء بالذي فيـــه ينضـح

 

     ألف تحيــة للصحفييــن الفلسطينييـن  

            وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

الهوامش :

 

1- أخرجه الإمام البخاري                

2-كتاب الخراج لأبي يوسف

3- أخرجه الإمام البخاري                

4- سورة الكهف الآية (29)