2023-09-22

الشيخ الدكتور يوسف سلامة في حوار مع صحيفة الجريدة الكويتية
2011-08-09

خطيب المسجد الأقصى د. يوسف جمعة سلامة: أخشى أن تستيقظ الأمة يوماً لتجد ثالث الحرمين أحجاراً مبعثرة

                    

كتب: القاهرة - أحمد فوزي

نشر في 10- رمضان-1432 الموافق 9-8-2011

 

الضعف العربي والإسلامي جعل الخطوات الإسرائيلية لهدم الأقصى معلنة

د. يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك، ونائب رئيس الهيئة الإسلامية العليا للقدس من العلماء المقدسيين وخطباء ثالث الحرمين الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية الدفاع عن قضية القدس بشكل عام والمسجد الأقصى بشكل خاص، ويجوب البلدان العربية والإسلامية باستمرار لتنبيه الأمة بالخطورة الشديدة التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس الشريف على يد الاحتلال الذي أصبح ينفذ مخططاته تجاه الأقصى علانية في ظل تراخ وغفلة من العالم العربي والإسلامي. «الجريدة» التقت د. سلامة خلال زيارته الأخيرة للقاهرة وكان هذا الحوار.

 

• ماذا عن الوضع الحالي في القدس والمسجد الأقصى؟

-القدس تمر بأخطر مرحلة منذ احتلالها قبل 42 عاماً، فسلطات الاحتلال تعمل على تقسيم المسجد الأقصى، إما تقسيم مكاني، بمعنى أن يتخلى المسلمون عن جزء من مساحة المسجد البالغة 42 ألف متر مربع، ليبني عليه الإسرائيليون هيكلهم المزعوم، أو أن يكون للمسلمين ما فوق الأرض ولهم ما تحت الأرض، نحن نقول لهم إن الأقصى وقف إسلامي، بمعنى أن ما فوقه وقف إلى السماء السابعة وما تحته وقف إلى الأرض السابعة، ولا يجوز لأحد أن يتنازل عن ذلك، ثم إن علماء الآثار الذين جئتم بهم من كل الدنيا، ينقبون عن هذا الهيكل المزعوم منذ 42 عاماً، لم يجدوا شيئاً، هذا بالنسبة للتقسيم المكاني، أما النوع الثاني من التقسيم، فهو التقسيم الزماني، ويعني فتح المسجد للمسلمين في المناسبات كشهر رمضان وغيره، وهو كذب بالطبع لأنه لا يسمح بدخول المسجد إلا لمن هم أكبر سناً من 50 عاماً، على أن يفتح للإسرائيليين في أعيادهم، وهذا كلام فارغ، لأن قرار كون الأقصى المبارك مسجداً، هو قرار إلهي لا يستطيع أن يغيره بشر، فربنا سبحانه قال «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله».

• هل التقسيم الذي يسعون إليه، خطوة نهائية أم تمهيد لخطوات أخرى؟

- هذا التقسيم المطلوب ليس إلا مجرد خطوة تمهيدية، في سبيل الوصول إلى السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، تماما كما حدث مع المسجد الإبراهيمي، الذي يسيطرون الآن على أكثر من 70 في المئة منه، عن طريق نفس الخطة، إضافة إلى إغلاقه كاملا لأكثر من شهرين في العام بمناسبة ما يسمى بأعياد اليهود، فالآن يقوم الاحتلال بمنع المصلين من الوصول إلى قطاع غزة، أو الضفة، وحتى المواطن الذي يحمل الهوية الزرقاء (هوية إسرائيلية لفلسطينيي 48) فممنوع من هم أقل من خمسين سنة من الصلاة بالحرم، حيث إنهم يحولون بينهم وبين الوصول للأقصى، بل يمنعون حراس الأقصى من الوصول له، الآن الأقصى في بعض الجمع «صلاة الجمعة» لا يتعدى عدد المصلين فيه خمسين ألف مصل، وأحياناً يكون عشرين ألفاً، في حين أنه في الجمعة العادية يجب أن يتجاوز العدد 200 ألف مصل وقد يصل عدد المصلين في باقي الصلوات إلى مئتين فقط نتيجة الحواجز والمنع الإسرائيلي للفلسطينيين، من وصولهم إلى المسجد الأقصى، فالتقسيم ليس إلا خطوة على طريق تحقيق الهدف المركزي للإسرائيليين، وهو السيطرة الكاملة على المسجد ومن ثم هدمه بالكامل.

• الإسرائيليون يدعون أن العرب والمسلمين يهولون من خطورة الموقف بالنسبة للمسجد الأقصى تحديداً، فما ردكم؟

- نعم هم يدعون ذلك وإن الضعف العربي والإسلامي هو ما يجعل خطواتهم لتحقيق أهدافهم ليست سرية بل معلنة، وموثقة من قبلهم، فعندما أعلنوا عن صنع فانوس من الذهب يزن 42 كيلوغراماً، قالوا إنهم صنعوه من أجل تعليقه في صحن الهيكل المزعوم، ثم إن جميع ما يقدمونه من أدلة سياحية على خطوط طيرانهم، محوا منه صورة المسجد الأقصى، ووضعوا الهيكل المزعوم، ويقومون بحفريات معلنة تحت الأقصى، ليس للبحث عن الهيكل لأنهم لم يجدوه ولن يجدوه، وإنما الهدف الآن هو تصديع أساسات المسجد، وبالتالي وعن طريق هذه الهزة الاصطناعية يحدث الانهيار والعياذ بالله.

• إذا كان هذا ما تقوم به إسرائيل على أرض الواقع فما تقييمكم لردة فعل الأمة العربية والإسلامية، تجاه هذا المخطط؟

- رغم إنني لا أميل إلى تحميل الأمة أكثر مما تحتمل، ورغم النظرة العقلانية التي أنظر بها دائماً إلى ردة فعل الأمة تجاه ما يجري للأقصى والقدس، إلا أنني لا أستطيع أن أخفي أن ردة الفعل خلال الفترة الأخيرة، باهتة ولا تتناسب إطلاقاً، مع الخطورة التي يتعرض لها مسرى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فالأقصى والقدس ليسا ملكاً للفلسطينيين وحدهم، لكنهما ملك للعرب من المحيط إلى الخليج، وملك للأمة الإسلامية، من طنجة إلى جاكرتا، والسؤال: أين هذه الأمة مما يحدث! فالذي يملك شيئاً يحافظ عليه ويدافع عنه، ولعل المقارنة بين ما يفعله يهود العالم، وما تفعله الأمة الإسلامية، توضح أن هناك تقصيراً إسلامياً لا نستطيع أن نخفيه، فعندما يتبرع على سبيل المثال، الملياردير الأميركي ميسكوفيتش، الذي لا يعرف الأقصى ولا القدس بمئات الملايين من الدولارات، لبناء مستوطنة، في رأس العمود، بينما تنام أم كامل الكرد في خيمة، رافضة أن تبيع بيتها المتواضع بـ15 مليون دولار للمستوطنين، ولا أحد يعينها، أو يشتري بيتها لنفسه من أثرياء المسلمين، يتضح التقصير، فالفلسطينيون يقدمون أقصى ما في وسعهم، وأريد أن أذكر أن كل الطغاة سقطوا في فلسطين، بدءاً من التتار والمغول الذين سقطوا في عين جالوت، مرورا بالصليبيين، الذين عاثوا في الأرض فساداً، وسقطوا في حطين، حتى نابليون تحطمت مدافعه على أبواب عكا، وهذا المحتل المصطنع سيتحطم في فلسطين أيضاً، لأن بلادنا على مدار تاريخها مقبرة للغزاة والطغاة وسيأتي اليوم الذي تبتلع فيه الاحتلال الإسرائيلي وتزيله من فوق أرضها.

• ألا تعرف الأمة هذا الواجب المنوط بها القيام به من أجل القدس والأقصى وكل هذا الارتباط بالمدينة المقدسة ومسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟

- الأمة تعرف كل ذلك بالطبع، وهناك علماء ودعاة ومفكرون، يذكرون بكل هذا الارتباط ويعرفون الناس بقيمة القدس والأقصى، لكن ما قيمة المعرفة إن لم تتحول إلى سلوك وفعل؟! وبشكل عقلاني أنا شخصياً أشكر الأمة على عدد من المواقف فلولا أمتنا الإسلامية فمن أين نبني المدارس مثلاً، لكن الخطر أكبر من أن يواجهه الفلسطينيون وحدهم، فالتصدي لشراء البيوت مثلاً، لا يمكن أن يتم إلا من خلال رأس المال العربي، وهناك أيضا جامعة القدس ومستشفى المقاصد، وغيرها من المشروعات التي تحتاج إلى وقفة من الأمة لدعم الصمود المقدسي والفلسطيني، فهذا يقدم دما وذاك يقدم مالاً، والثالث يقدم دعما معنويا، والآخر يقدم دعاة وهكذا، وهذا ما نحتاجه من الأمة الموصوفة بخير أمة، وبالوسطية التي تعني الأفضلية، وأنا أدعو الأمة لغرس الثقافة المقدسية عن القدس والأقصى في عقول أبنائها، من الصغر وليس فقط في المرحلة الجامعية، لأنك حينما تقول إن هذه البلدة وهذا المسجد من حقي، فعليك أن تعرف كل المعلومات التاريخية والجغرافية والسياسية، عن حقك هذا لتطالب به وتدافع عنه، وعلى الجميع كل في مجاله أن يعمق هذه المعرفة، فليعلم المسلمون أبناءهم أن هناك حقاً مسلوباً لنا يسمى القدس والأقصى، وعلى الأمة أن تتنبه حتى لا تستيقظ ذات يوم لتجد الأقصى قد تحول إلى حجارة مبعثرة ذات اليمين وذات الشمال، لا قدر الله، وإذا حدث ذلك فعلى الأمة وقتئذ أن تطالب بالفناء خير لها من أن تعيش ذليلة على وجه الأرض.

رابط الحوار في موقع الجريدة :

 

http://aljarida.com/2011/08/09/145373/