2023-09-22

الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة في حوار مع موقع علامات أون لاين
2011-12-18

خطيب المسجد الأقصى لـعلامات: أحداث المنطقة العربية تفرض على الفلسطينيين التوحد في وجه الصهاينة

 حوار: أسامة الهتيمي  18-12-2011 

                 

 تبقى قضية الصراع العربي – الصهيوني ورغم كل ما يدور في المنطقة العربية من أحداث جسيمة هي القضية المركزية الأولى في الذهنية العربية الإسلامية، ففي قلب فلسطين تقع مدينة القدس ويقع المسجد الأقصى بما له من مكانة عظيمة في نفوس كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فهو أول القبلتين وثالث الحرمين، ومن ثم فإن العالم كله يتطلع إلى استشراف ما يمكن أن يؤول إليه مسار هذا الصراع المحتدم على مدار أكثر من ستين عاما.

ويبدو أن الاحتلال الصهيوني نفسه هو الذي يدفع إلى احتدام هذا الصراع إذ كان من المفترض أن يتحسب لثورة الشعوب في العديد من البلدان العربية، وهي الثورة التي كان أحد أهم دوافعها الموقف المستكين لأنطمة هذه الدول تجاه الانتهاكات الصهيونية التي لم تتوقف، غير أن الصهاينة مع ذلك واصلوا سياساتهم ضد الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية.

بدورنا وفي محاولة لاستجلاء تطورات الموقف على الساحة الفلسطينية والعربية كان لنا هذا اللقاء مع فضيلة الدكتور يوسف جمعة سلامية إمام وخطيب المسجد الأقصى ووزير الأوقاف الأسبق. وهذا نص الحوار.  

* في البداية طبعا وكعادتنا مع فضيلتكم في حوارتنا السابقة نود أن تطلعونا على آخر تطورات الوضع في مدينة القدس الشريف وما هي آخر الخطوات التي يتخذها الاحتلال لتهويدها؟

إن مدينة القدس في هذه الأيام تتعرض لمحنة من أشد المحن وأخطرها، فالمؤسسات فيها تغلق، والشخصيات الوطنية تلاحق، وآلاف المقدسيين يطردون، حيث صدر  قرار بطرد أعضاء المجلس التشريعي المقدسيين ، كما وتفرض عليهم الضرائب الباهظة، وتهدم عشرات البيوت في شعفاط وسلوان والشيخ جراح ، حيث  إن أكثر من (600) فلسطيني هدمت منازلهم في العام الماضي ، كما تم هدم عشرات البيوت في العام الجاري كان آخرها هدم عدد من البيوت والمنشآت في حي سلوان بالقدس ، كما تخطط سلطات الاحتلال الإسرائيلي لهدم( 88) منزلاً  في حي البستان بالمدينة، بالإضافة إلى إغلاق المحلات التجارية في باب العامود، وإقامة الحدائق التلمودية في محاولة لتزييف التاريخ والحضارة ، كما أن الأرض تنهب، وجدار الفصل العنصري يلتهم الأرض، وكل معلم عربي يتعرض لخطر الإبادة والتهويد، وسلطات الاحتلال تشرع في بناء عشرات الآلاف من الوحدات الاستيطانية لإحداث تغيير ديموغرافي في المدينة المقدسة من أجل إضفاء الطابع اليهودي عليها، بحيث يكون بعد سنوات نسبة السكان الفلسطينيين في المدينة المقدسة 12% بينما نسبة السكان اليهود 88% .

 ومن المعلوم أن آخر المخططات الإسرائيلية في مدينة القدس،كان الموافقة على  مخطط لبناء عشرات الآلاف  من الوحدات الاستيطانية الجديدة في المدينة المقدسة لاستقدام عشرات الآلاف من المستوطنين اليهود للسكن في المدينة المقدسة، كما أن المسجد الأقصى المبارك  يتعرض لهجمة شرسة، فمن حفريات أسفله، إلى إقامة مترو للأنفاق أسفله أيضا، إلى بناء كنس بجواره، حيث تم بناء وافتتاح كنيس الخراب  بجوار المسجد الأقصى المبارك في منتصف شهر مارس الماضي، ليكون مقدمة لهدم الأقصى لإقامة ما يُسمّى بالهيكل المزعوم بدلاً منه لا سمح الله، وكذلك التخطيط لبناء أكبر كنيس يكون ملاصقاً للمسجد الأقصى المبارك ، إلى منع سدنته وحراسه وأصحابه من الوصول إليه، ناهيك عن الاقتحامات المتكررة للجماعات المتطرفة الإسرائيلية بصورة دائمة إلى  باحات المسجد الأقصى المبارك تحت حراسة الجيش الإسرائيلي.

 والشيء الخطير الذي ننبه الأمة العربية والإسلامية إليه، هو أداء الجماعات المتطرفة الإسرائيلية لطقوسهم الدينية وصلواتهم وهم يقرأون الترانيم داخل باحات المسجد الأقصى المبارك بحراسة الجيش الإسرائيلي، حيث تكرر هذا العمل بصورة كبيرة خلال الأسابيع الأخيرة، مع العلم أن هذه الجماعات تقتحم المسجد الأقصى تحت حراسة جيش الاحتلال، من خلال باب المغاربة الذي تسيطر عليه سلطات الاحتلال منذ عام 1967م.

لذلك فإننا نقرع اليوم أجراس الخطر أمام أبناء الأمتين العربية والإسلامية، فخطوات التهويد المتسارعة للمدينة المقدسة تسير بتنسيق كامل بين حكومة الاحتلال وأثرياء اليهود في العالم،  حيث تم تخصيص ميزانية جديدة  إضافة للميزانيات الأخرى، وهذا يدل دلالة واضحة على مدى  استهدافهم للمقدسات في القدس، كما قاموا بخطوة مشتركة تهدف إلى تحقيق أمرين وهما :

الأول : تهجير الفلسطينيين من مدينة القدس، فهم لا يريدون أحداً  من المقدسيين داخلها، حيث إنهم يدعمون الاقتصاد الإسرائيلي، وفي نفس الوقت يهدمون الاقتصاد الفلسطيني بشكل مستمر، كما أنهم يُقيمون البُنَى التحتية  للمستوطنين الإسرائيليين، ويُضَيّقون في نفس الوقت على الوجود الفلسطيني المقدسي  داخل المدينة المقدسة.

والثاني: سعيهم المتواصل لاستكمال تهويد القدس بشكل كامل وخاصة منطقة حائط البراق،حيث تتعرض المنطقة إلى مجزرة إسرائيلية جديدة تهدف إلى تغيير الواقع وتزييف التاريخ، فسلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمد إلى إحداث تغيير شامل في منطقة المسجد الأقصى المبارك وخاصة ساحة البراق ، ومن المعلوم أن حائط البراق جزء أصيل من المسجد الأقصى المبارك وهو الحائط الذي ربط به  الرسول – صلى الله عليه وسلم – دابته في ليلة الإسراء والمعراج، وليس كما يسمه اليهود زوراً وبهتاناً بحائط المبكى ، كما وأن الساحة المطلة عليه هي جزء من المسجد الأقصى المبارك .  

 ومن المعلوم أن مخططات التهويد تُنَفَّذ يوماً بعد يوم، بهدف طمس جميع المعالم العربية والإسلامية  في المدينة المقدسة، من خلال بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، وفي نفس الوقت هدم البيوت الفلسطينية في سلوان وشعفاط والشيخ جراح ورأس العامود وسائر أنحاء المدينة المقدسة، وفرض الرسوم الباهظة على أي بناء يقيمه أهالي مدينة القدس .

* أعلن الاحتلال الصهيوني عن اعتزامه هدم جسر باب المغاربة بعد أيام  هل تعتقدون أن الاحتلال يمكن فعل هذا أم أنه مجرد استفزاز وكيف يمكن الوقوف ضد مثل هذه السلوكيات؟

لقد تناقلت وسائل الإعلام قبل أيام خبر  عزم بلدية الاحتلال في القدس هدم جسر باب المغاربة  الذي يربط حائط البراق بالمسجد الأقصى المبارك ، واستبداله بجسر حديدي خلال شهر، حيث تهدف هذه الخطوة إلى السيطرة على مداخل المسجد الأقصى المبارك ، والسماح لقوات الاحتلال وقطعان المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى المبارك في أي وقت دون حسب ولا رقيب، مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تمس المصلين والمسجد الأقصى المبارك.

ومن الجدير بالذكر أن هذا الاعتداء  هو اعتداء إجرامي جديد على تاريخ وتراث وحضارة  مدينة القدس و المسجد الأقصى المبارك ، حيث يهدف إلى طمس المعالم الأثرية والتراثية والحضارية الإسلامية في مدينة  القدس بصفة عامة ومحيط المسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة ، من أجل إضفاء الطابع اليهودي على سائر أنحاء المدينة المقدسة .

ومن المعلوم أن الشهور الماضية قد شهدت أعمال تجريف إسرائيلية لهدم الممر والجسر  الموصل لباب المغاربة، وإزالة التلة الترابية،  وهدم  غرفتين مضت قرون طويلة على إنشائهما، فهذه المعالم الأثرية تتحدث عن التاريخ والحضارة والأصالة ، وهذا العمل الإجرامي الذي تخطط له سلطات الاحتلال الإسرائيلي يتعلق بجزء أصيل من المسجد الأقصى المبارك،  لأن حائط البراق جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك والذي تبلغ مساحته مائة وأربعة وأربعين دونما.

 وأنا أعتقد أن سلطات الاحتلال ستنفذ هذا العمل الإجرامي ولو بعد حين،كيف لا وهم يخططون لهدم المسجد الأقصى المبارك لإقامة ما يسمى بهيكلهم المزعوم على أنقاضه ؟!.

وأما طريقة التصدي لهذه الأعمال الإجرامية والوقوف ضد هذه الجرائم، فيكون بوحدة الأمة وقيامها بواجبها تجاه الأقصى والمقدسات من خلال العمل على تحريرها من المحتلين، ودعم صمود أهلها المرابطين بكافة السبل وفي جميع المجالات، فالأمة عندما تكون موحدة فإنها أمة قوية يُحسب لها ألف حساب.

* في هذا الصدد أيضا نرجو من فضيلتكم تقييم موقف الهيئات والمؤسسات العربية والإسلامية تجاه  الخطوات الصهيونية المستفزة بشأن مدينة القدس؟

إن مدينة القدس مهوى أفئدة المليار ونصف المليار مسلم في جميع أنحاء العالم ، وكذلك ملايين المسيحيين في شتى أنحاء المعمورة، لذلك فإن الواجب الديني والحضاري عليهم جميعاً  أن يدافعوا عن هذه المدينة المقدسة، وألا يتركوها وحيدة أمام الهجمة الشرسة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي  صباح مساء.

ومن المعلوم أن تحرير فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، يحتاج من أبناء الأمتين العربية والإسلامية بصفة عامة، ومن علمائها وقادتها وأصحاب الضمائر الحية فيها بصفة خاصة، إلي ضرورة العمل على إعداد أبناء الأمة تربوياً ودينياً وأخلاقياً ، وتفعيل دور العلماء وأصحاب الآراء السديدة في عملية الإصلاح التي تشهدها المنطقة العربية ، والحرص على توجيه الطاقات الشبابية الثائرة ومن يقودها نحو القضية الفلسطينية، لدعمها وبذل أقصى ما في وسعهم لتحرير القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك،فالمسجد الأقصى ليس ملكاً للفلسطينيين وحدهم، بل هو في عقيدة كل عربي ومسلم، فهو نهاية رحلة الإسراء وبوابة الأرض إلى السماء، فمن صخرة بيت المقدس عُرج بالنبي محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى السماء .

ونحن هنا نشيد بدور الأمتين العربية والإسلامية في دعم صمود الفلسطينيين عامة وأهالي المدينة المقدسة بصفة خاصة، لكنني أقول لأحبتي من العرب والمسلمين بأن القدس تتعرض لمجزرة، وأنها تحتاج إلي وقفة سريعة، فيهودي واحد مثل ميسكوفيتش تبرع بستمائة مليون دولار لإقامة مستوطنة في جبل أبي غنيم بالقدس، كما وتبرع لبناء مستوطنة جديدة في رأس العامود في قلب المدينة المقدسة، فماذا أنتم فاعلون يا أحبتي لإنقاذ قبلتكم الأولى ومسرى نبيكم –صلى الله عليه وسلم-، وبهذه المناسبة فإننا نناشد جميع الهيئات والمؤسسات العربية والإسلامية وخاصة منظمة  المؤتمر الإسلامي  ولجنة القدس ورابطة العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية بضرورة التحرك السريع والجاد لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك ، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس ، وسائر الأراضي الفلسطينية ، وضرورة العمل على تثبيت المقدسيين في مدينتهم من خلال إقامة المشاريع الإسكانية لهم ، ودعم مؤسساتهم الصحية والجامعية والتعليمية والثقافية والتجارية داخل المدينة المقدسة ، ودعم صمود أهلها بكل الطرق التي تؤهلهم للوقوف أمام هذه الهجمة الإسرائيلية الشرسة لصبغ المدينة المقدسة بالصبغة اليهودية الاحتلالية .

* أصدر الأزهر الشريف مؤخرا وثيقة ضد تهويد القدس .. ما قراءتكم لهذه الوثيقة وهل يمكن تحقيق ما جاء فيها على أرض الواقع؟

إننا نرحب بالوثيقة التي أصدرها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور/ أحمد الطيب شيخ الأزهر بشأن القدس، حيث إن هذه الوثيقة ترفض رفضاً باتاً جميع الإجراءات الإسرائيلية كما ترفض تهويد المدينة المقدسة، فقد أكدّ شيخ الأزهر أن الأزهر، ومن ورائه كافة المسلمين في الشرق والغرب، يرفضون المشروعات الصهيونية لتهويد مدينة القدس المحتلة، محذرًا الكيان الصهيوني والقوى التي تدعمه من التداعيات التي تهدد سلام المنطقة بل سلام العالم كله.

كما تضمنت الوثيقة أن احتكار المدينة المقدسة وتهويدها، يمثل خرقًا للاتفاقيات والقوانين والأعراف الدولية، التي تحرِّم وتجرِّم أي تغيير لطبيعة الأرض والسكان والهوية في الأراضي المحتلة، وتابع "ومن ثم فإن تهويد القدس فاقدٌ للشرعية القانونية".

وجدد الأزهر تحديد صلاح الدين الأيوبي طريقة تحرير القدس، عندما كتب إلى الملك الصليبي ريتشارد قلب الأسد، وقال "لا تفكر بأنه يمكن لنا أن نتخلى عن القدس أبدًا، كما لا يمكن بحال أن نتخلى عن حقوقنا فيها كأمة مسلمة.. ولن يمكّنكم الله أن تشيَّدوا حجرًا واحدًا في هذه الأرض طالما استمر الجهاد".

وأكد الأزهر أن تهويد القدس، والعدوانَ على معالم المسجد الأقصى المبارك، هو خط أحمر، وهو في الوقت نفسه مقدمة واعدة بطيّ صفحة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين.

وذكر بيان الأزهر أن الصليبيين احتلوا مناطق أوسع مما تحتله الصهيونية، وأضاف "حيث وقعت القدس في الأسر الصليبي سنوات تزيد على ضعف السنوات التي وقعت فيها في قبضة الصهيونية الباغية، ومع ذلك، مضت سنة التاريخ -التي لا تتخلف- في طيّ صفحة الاحتلال، وإزالة آثار عدوان المعتدين على الحقوق والمقدسات".

وقال البيان "إن الصهاينة الذين يستندون إلى القوى الإمبريالية الغربية الغاشمة، في محاولتهم تهويد القدس الشريف، إنما يغامرون بمستقبل اليهود أنفسهم، ويتجاوزون الخطوط الحمراء للأمة الإسلامية، التي يبلغ تعدادها نحو ربع البشرية، وهي أمة قادرة -في يوم قريب- على انتزاع حقوقها السليبة، كما ناشد الأزهر كل أحرار العالم أن يناصروا الحق العربي في تحرير  القدس وفلسطين .

ونحن هنا نقول بأنه من الممكن تحقيق ما جاء في هذه الوثيقة على أرض الواقع، لذلك فإننا نناشد جميع الهيئات والمنظمات والأحزاب والمؤسسات بضرورة الترحيب بهذه الوثيقة وتبنيها، لأن العدوان على المسجد الأقصى المبارك والمقدسات خط أحمر لا يقبل أي مسلم السكوت عليه، كما أن قضية الأقصى والقدس محل إجماع الأمة عبر التاريخ .

 * بعد مرور نحو عام على اندلاع الثورات العربية كيف ترون انعكاساتاتها على القضية الفلسطينية .. خاصة وأن البعض يرى أنها لم تفد القضية حتى الآن؟

لقد شهدت بعض الدول العربية ما بات يسمى بربيع الثورات العربية، وعلى الأمتين العربية والإسلامية الاستفادة من الطاقات الشبابية الثائرة واحتضانها وتوجيهها الوجهة السليمة، بما يخدم مصلحة العرب والمسلمين في المنطقة ، وكذلك العمل على حماية هذه الثورات وتدعيمها، والحرص على تسلحها بسلاح الإيمان والعقيدة والوحدة ورص الصفوف لمواجهة أعداء الأمة، وضرورة المحافظة على مقدرات وممتلكات الأمة لتبقى قوية وشامخة .

و من خلال دراسة الواقع العربي اليوم،  ومتابعة انعكاسات الثورات العربية على القضية الفلسطينية، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحاول استغلال إنشغال بعض الدول العربية بشؤونها الداخلية، كما تستغل الإنقسام الفلسطيني لتغيير الطابع العربي والإسلامي للمدينة المقدسة، وذلك بالقيام بالمزيد من التهويد ومصادرة الأراضي واضطهاد الشعب الفلسطيني، أما على المدى القريب إن شاء الله، فعندما تبدأ ثمار هذه الثورات في الظهور ، فإن الشعب الفلسطيني سيقطف هذه الثمار،  وسيكون أثرها إيجابيًا إن شاء الله على القضية الفلسطينية، فمن المعلوم أن لهذه الثورات ما بعدها في تغيير المنطقة، فالثورات العربية التي أسهمت في تحرير شعوبها ستقرِّب بإذن الله تعالى تحرير فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك، وذلك لأن الشعوب إذا لم تكن حرة أبية فإنها لن تتمكن من تحرير مقدساتها.

لذلك فإن واجب الأمة من علماء وقادة ومفكرين ومثقفين أن يلتفوا حول هذه الثورات، للعمل على حمايتها وحراستها، لئلا  تُسْرق نتائجها، لأن أعداء الأمة من الغرب والشرق يبذلون جهودًا كبيرة ومخططات كثيرة، ليسرقوا نتائج هذه الثورات لصالحهم.

إن ما يحدث في المنطقة العربية من أحداث وتغييرات يجب أن يكون لها الأثر الواضح في دعم القدس والمقدسيين لمواجهة آلة البطش الإسرائيلية، لأننا على ثقة بأن قضية القدس والمقدسات هي قضية الشعوب العربية والإسلامية دون منازع ، وأن انتصار الشعوب العربية سيعجّل إن شاء الله في إنقاذ  المدينة المقدسة من براثن الاحتلال.

 وإننا إذ نغتنم اجتماع هذه التجمعات المباركة ، فإننا ندعو إلى مسيرات وتجمعات مليونية تحت شعار ( كلنا فداك يا أقصى) .

 ونود أن نطمئن الجميع بأن الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية بدينهم متمسكون، وعن عقيدتهم مدافعون، وهم يبغون العدالة لقضيتهم، وأنهم ثابتون فوق أرضهم، منغرسون فيها، لن يتركوها مهما كانت المؤامرات.

* تعددت قوافل المساعدات المتجهة إلى غزة في الفترة الأخيرة .. هل ترون أن مثل هذه المساعدات يمكن أن يكون لها جدوى في التخفيف من حدة المعاناة أم أنها يمكن أن تقلل من حجم الضغط على الاحتلال لرفع حصاره؟

إن وصول قوافل المساعدات إلي قطاع غزة المحاصر أمر جيد، حيث إن هذه المساعدات تساهم في التخفيف من معاناة شعبنا الفلسطيني في القطاع، كما أن هذه القوافل تظهر مدى التكافل بين أبناء الأمة الواحدة، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة .

ونحن نتمنى على الأخوة القائمين على هذه القوافل ضرورة دراسة احتياجات القطاع من مستشفيات ومراكز صحية، وأجهزة طبية، ومدارس، ومساكن، وكذلك ضرورة العمل على إقامة بعض المشاريع التي تستوعب عدداً من العمال الفلسطينيين في القطاع، حيث إن هناك عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين في القطاع الذين لا دخل لهم مطلقاً، كما أننا نحتاج إلي دعم الطلاب الفقراء والمحتاجين في الجامعات من خلال توفير رسومهم الدراسية لإكمال دراساتهم لأن الكثير منهم يمتنع عن إكمال الدراسة لعدم قدرته على دفع الرسوم الجامعية، وكذلك بناء المدن السكنية للأسرى وذويهم، وعائلات الشهداء، والأيتام والفقراء، وبذلك تكون هذه القوافل قد قدمت خدمات جليلة لأهالي قطاع غزة، حيث ساهمت في رسم البسمة على الشفاه المحرومة وإدخال السرور على القلوب الحزينة .

* تشهد الساحة الفلسطينية هذه الأيام حالة من التقارب بين وجهات نظر الفرقاء السياسيين .. ما تفسيركم لذلك وهل ترون أن هذا التقارب سيستمر أم أنه دائما معرض لهزات عنيفة؟

إن شعبنا الفلسطيني أحوج ما يكون إلى الوحدة والمحبة ، والتكاتف والتعاضد، ورص الصفوف، وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة خصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني، وفي هذا الوقت العصيب من حياة شعبنا، حيث تتجه قلوب الفلسطينيين في هذه الأيام إلى قاهرة المعز، وكلها ثقة وأمل في الله سبحانه وتعالى بأن يجمع الله شمل شعبنا ويوفق قادته لرص الصفوف وإنهاء الإنقسام والتعالي على الجراح ، وفتح صفحة جديدة من الاحترام والتقدير، كي نعود كما كنا دائماً على قلب رجل واحد، فما أحوج أبناء شعبنا إلى الترفع على الأحقاد، وطيّ صفحات الماضي المؤلمة، وأن نفتح جميعاً صفحة جديدة من الأخوة والمحبة والإخاء .

ومن الجدير بالذكر أن جميع الفصائل الفلسطينية حريصة كل الحرص على إتمام المصالحة، كما أن ما تشهده المنطقة من أحداث، بالإضافة إلى الصلف الإسرائيلي، والموقف الأمريكي المعارض لحقوق شعبنا، دفع الجميع إلي الإسراع في إجراءات المصالحة

فليكن لنا فيما يجري حولنا من أحداث درس نلتزم به، وهو الوحدة ، الوحدة ، الوحدة، ومدد يوثق صلتنا بالله، ويربط على قلوبنا في معركة المصير، حتى نصون الحق، ونسترد الأرض،ونطهر القدس والأقصى، وترفرف أعلامنا خفاقة فوق ثرى فلسطين الغالية إن شاء الله.

كما نتضرع إليه سبحانه وتعالى أن يستمر الوفاق وتدوم الألفة والمحبة، فليس أمامنا إلا الوحدة والوحدة و الوحدة .

* نرجو إلقاء الضوء على عملية الإفراج عن المعتقلين وغيرها من المظاهر الإيجابية

إن يوم الإفراج عن الأسرى الأبطال يوم مشهود من أيام الشعب الفلسطيني، حيث دخلت الفرحة والبهجة على نفوس المحررين وذويهم بصفة خاصة، وأبناء شعبنا الفلسطيني بصفة عامة في كل أماكن تواجده .

إن هذه الخطوة قد جسدت والحمد لله وحدة الوطن الفلسطيني، حيث تم تحرير أسرى من القدس والضفة والقطاع وفلسطيني الداخل .

ونحن هنا نتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يهيئ الأسباب للإفراج الكامل عن جميع الأسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال قريباً بأذن الله، ليتنفسوا نسائم الحرية، وليساهموا في بناء هذا الوطن كما ساهموا في الدفاع عنه من خلال تضحياتهم الجسام .

وبهذه المناسبة فإننا نتوجه بالشكر والتقدير إلي الشقيقة الكبرى مصر على دورها المميز والمشرف في إتمام صفقة التبادل وإنجاحها على أكمل وجه، كما ونتمنى أن يتواصل هذا الدور العظيم حتى يتحرر جميع الأسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال إن شاء الله.